مصر تسعي لتوطيد علاقتها مع الهند علي غرار روسيا والصين في اتجاه لتطوير مصر لسياستها الخارجية للتنويع بين الشراكات بين المعسكر الغربي والشرقي
زيارة رسمية إلى الهند هي الثالثة من نوعها يقوم بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ، أكد محللون أنها ستتناول "تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع التعاون العسكري وتنمية التجارة والاقتصاد".
وسبق للسيسي زيارة نيودلهي مرتين الأولى في أكتوبر 2015، والثانية في سبتمبر 2016، إلا أن هذه الزيارة تأتي في سياق أول دعوة لرئيس مصري للمشاركة كضيف رئيسي في عيد الجمهورية الهندية.
ما هو برنامج زيارة السيسي للهند؟
وفق بيان للرئاسة المصرية فإن الزيارة تأتي تلبية لدعوة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للمشاركة كضيف شرف في احتفالات الهند بيوم الجمهورية، والذي يوافق اليوم الذي بدأ فيه العمل بدستور جمهورية الهند عام 1950.
البيان أكد أن دعوة الرئيس المصري كضيف شرف رئيسي لهذا الحدث تعكس التقارب الكبير بين الدولتين، والتقدير الشديد الذي تكنه الهند لمصر قيادةً وحكومةً وشعباً.
الزيارة ستبحث تعزيز علاقات التعاون المشترك بين البلدين الصديقين بصفتهما من أهم الدول الصاعدة و لدورهما الحيوي في مختلف القضايا على الساحتين الإقليمية والدولية.
زيارة الرئيس المصري للهند تتزامن مع مرور 75 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والهند.
من المقرر أن يلتقى الرئيس المصري مع عدد من المسؤولين فى الهند، وعلى رأسهم رئيس الوزراء و دروبادي مورمو رئيسة البلاد، إلى جانب عدد آخر من المسؤولين، وذلك لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية على كافة الأصعدة.
سيتخلل الزيارة لقاء السيسي مع رؤساء وممثلي عدد من الشركات الهندية الرائدة في مختلف المجالات، وذلك لمناقشة آليات تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، واستعراض الفرص الاستثمارية الجاذبة في مصر.
الملفات البارزة في هذه زيارة السيسي للهند
وحول أجندة الرئيس المصري، قال الأكاديمي المتخصص بالشأن الدولي طارق فهمي لـ"سكاي نيوز عربية":
زيارة الرئيس المصري إلى الهند تؤكد على عمق العلاقات بين البلدين، حيث إن هناك معايير لنيودلهي في دعوة الرؤساء للاحتفال بعيد الجمهورية أبرزها طبيعة العلاقات.
هناك ملفات متشابكة كثيرا بين البلدين، أبرزها العلاقات الثنائية التي توطدت عبر زيارات متبادلة كون هذه هي الزيارة الثالثة للرئيس المصري إلى الهند، وبالتالي هناك تقارب كبير ونمو سياسي واستراتيجي.
هناك تعاون عسكري كبير بين البلدين، كان أحدثه زيارة وفد عسكري هندي للقاهرة منذ عدة أشهر، إضافة إلى مناورات وتدريبات مشتركة في نيودلهي.
ستكون هناك مباحثات حول مستقبل العلاقات وسبل تعزيزها، الهند تريد أن تدخل الشرق الاوسط وترغب في طرح رؤيتها نحو العلاقات مع إفريقيا وتعتبر مصر دولة نافذة لها في هذا الإطار بما يخدم مسارات العلاقات المشتركة.
الزيارة ستتخللها مباحثات اقتصادية واتفاقيات تجارية واستثمارات، والقاهرة تطرح نفسها بقوة لأن تكون شريكا لدول منطقة آسيا اقتصاديا، وهناك حرص من البلدان على تنمية وتطوير العلاقات في مرحلة يمر فيها النظام العالمي بمرحلة من عدم الاستقرار وعدم وضوح الرؤية.
اتجاه مصر إلى الهند ومن قبلها الصين وروسيا هو تأكيد على سياسة الرئيس المصري في تنويع العلاقات شرقا وغربا.
بدوره، قال المحلل الاقتصادي المصري مدحت نافع لـ"سكاي نيوز عربية":
الزيارة ستتضمن التطرق إلى بلورة مواقف مشتركة تجاه أبرز التحديات الاقتصادية والمناخية.
إمكانية مناقشة نظم الدفع والتسوية البديلة لدول بريكس والتجمعات الاقتصادية المرتبطة بها.
هناك أكثر من خمسين شركة هندية في مصر باستثمار 3.15 مليار دولار وهناك فرص للاستثمار في الهيدروجين الأخضر بقيمة تصل إلى 8 مليار دولار وهناك تبادل تجاري يزيد عن 7 مليارات دولار.
من المرتقب أن يناقش الرئيس مع رجال الأعمال في الهند فرص الاستثمار الجديدة خاصة في القطاعات عالية التكنولوچيا التي تفضلها الهند.
نتائج لقاء السيسي مع رئيس وزراء الهند
جاء ذلك خلال كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي
خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس وزراء جمهورية الهند "ناريندرا مودي" بحضور كبار المسئولين من الجانبين المصري والهندي،
وأضاف الرئيس السيسى، أنهما استعرضا خلال المباحثات ما وصلت إليه العلاقات بين البلدين في المجالين التجاري والاستثماري، حيث أكدا مواصلة العمل لزيادة حجم التبادل التجاري، وتعظيم الاستفادة المشتركة من القدرات والمزايا الإنتاجية والتصديرية للبلدين كي تستجيب للأولويات الاقتصادية والاجتماعية للشعبين المصري والهندي.
وأوضح الرئيس السيسى لرئيس الوزراء الفرص والحوافز والمزايا الاستثمارية المتاحة في مصر، والإجراءات التي تتّخذها الحكومة لتحفيز الاستثمار الخارجي، معربًا له عن تطلعنا إلى زيادة الاستثمارات الهندية في مصر في مختلف المجالات، لاسيما في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، خاصةً بعد ما لمسناه من عزم لدى الشركات الهندية العاملة في مصر على مواصلة تعزيز تواجدها، وما أبدته شركات هندية متخصصة في مجالات واعدة من اهتمام بضخ استثماراتها في مصر.
ومن ناحيةٍ أخرى؛ قال الرئيس السيسى:"اتفقُّت رؤانا على تعظيم التعاون القائم في المجالات المختلفة، والانطلاق نحو شراكات في مجالات جديدة، ومن بينها التعاون في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، خاصةً إنتاج الهيدروجين الأخضر. واتفقنا أيضاً على تعزيز التعاون الاستراتيجي بيننا في عدة مجالات أخرى، وعلى رأسها الزراعة، والتعليم العالي، وصناعات الكيماويات والأسمدة والأدوية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأمن السيبراني".
وأكد الرئيس السيسى لرئيس الوزراء ضرورة تكوين قنوات منتظمة تتيح تبادل الخبرات والمعرفة فيما يرتبط بالتجارب والمبادرات الناجحة في كلٍ من البلدين، خاصةً على صعيد تطوير الصناعة المحلية، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير حياة كريمة للمواطنين والارتقاء بمستوى معيشتهم.
وأشار الرئيس السيسى، إلى أن مصر والهند تتشاركان في البعد الحضاري الذي يضرب بجذوره في أعماق التاريخ الإنساني، حيث اتفقا على ضرورة تعزيز الروابط والصلات على المستوى الثقافي، من خلال المشاركة المتبادلة في الفعاليات الثقافية في كل من البلدين، وعلى أهمية تيسير سبل التواصل بين شعبي البلدين من خلال تكثيف رحلات الطيران بين مصر والهند، لاسيما بين العاصمتين القاهرة ونيودلهي، لتسهيل حركة السياحة البينية، حيث أكّدت لدولة رئيس الوزراء على ترحيبنا الكامل في مصر باستقبال المزيد من السائحين الهنود.
وأوضح الرئيس السيسى أن التعاون في مجال الدفاع كان على جدول أعمال مباحثات اليوم؛ فتعزيز التعاون في ذلك المجال خيرُ بُرهان على الإرادة المشتركة لتدشين علاقة استراتيجية بين البلدين؛ إذ أكدا مواصلة التنسيق، والتدريبات المشتركة، وتبادل الخبرات، والعمل على استشراف آفاق إضافية لتعميق التعاون في ذلك المجال؛ بما في ذلك التصنيع المشترك.
وتابع الرئيس السيسى:"كما دار نقاشٌ معمّق ومثمرٌ بيني وبين دولة رئيس الوزراء حول أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك على المستويين الإقليمي والدولي؛ وفي مقدمتها الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على الدول النامية بشكل خاص، وتطابقت تقديراتُنا حول أنّ تَوالِي الأزمات ذات الأثر الدولي قد بَرْهن من جديد على القيمة الكبيرة للعمل المشترك بين الدول الصديقة لتعزيز قدراتها على مجابهة التحديات الناجمة عن تلك الأزمات".
اقرا ايضا مصر والسعودية صمام امان للمنطقة
كما تناولا "السبل المُثلي لمكافحة الارهاب والتصدي للفكر المتطرف؛ إذ أن لدينا وجهة نظر مشتركة في هذا الصدد، وهي أنّ التعاون معاً سوف يُعِينُ على القضاء على العنف، لأنّ انتشار العنف والإرهاب والفكر المتطرف يمثل تهديداً حقيقاً؛ ليس فقط لبلدينا، ولكن لكافة الدول في جميع أنحاء العالم. وفي هذا السياق، فقد اتفقنا على أهمية تعزيز التعاون في المجال الأمني وإعطاء قوة دفع لمزيد من التنسيق في ذلك المجال الحيوي، فلا تنمية بدون استقرار أمنى".
واستعرض الرئيس السيسى ورئيس الوزراء الهندي ما أسفرت عنه القمة العالمية للمناخ COP 27 بشرم الشيخ من نتائج مهمة، خاصةً ما يتعلق بإنشاء صندوق لتمويل الخسائر والأضرار المترتبة على التغيرات المناخية، لاسيما في الدول النامية التي تعاني فيها البنى التحتية من الضعف وعدم القدرة على الصمود أمام آثار التغيرات المناخية.
وتقدم الرئيس السيسى بالشكر لرئيس الوزراء الهندي على دعوة مصر للمشاركة في أعمال مجموعة العشرين تحت الرئاسة الهندية لعام 2023، مؤكدًا له أنّ مصر لن تدخر جهداً من أجل دفع المحادثات في الاتجاه البنّاء، سعياً لتحقيق تطلعات دول الجنوب، وبما يتيح التوصل لطُرُق فعالة لمواجهة أزمات الطاقة، وتغير المناخ، ونقص الغذاء، وشح التمويل من أجل التنمية، وتراكم الديون المستحقة على الدول النامية؛ فتلك قضايا نضعها على رأس أولوياتنا سعياً لإعادة الاستقرار والتوازن إلى البيئة الاقتصادية الدولية.
وأضاف الرئيس السيسى:"ولقد شهدت مباحثاتنا اليوم نقاشاً مفعماً بالإرادة المشتركة للارتقاء بالعلاقات بين مصر والهند إلى المستوى الاستراتيجي، واتفقنا خلال الحوار الذي جَرى اليوم مع دولة رئيس الوزراء على ضرورة عقد اللجنة المشتركة بين البلدين في أقرب وقت، ووضع الآليات التنفيذية لخطط التعاون المشترك بين البلدين.
وتابع الرئيس السيسى:"لا زلت أذكر أول لقاء جمعني بدولة رئيس الوزراء على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عام 2015، فقد خرجت من ذلك اللقاء باقتناع بأن جمهورية الهند ستعرف تحت قيادته طفرةً في التحديث والنمو، كما تولّد عندي منذ ذلك اللقاء الأول تفاؤلٌ كبيرٌ إزاء مستقبل العلاقات بين بلدينا، وهو التفاؤل الذي يتأكد لدىّ مع كل خطوة نمضيها سوياً على طريق تطوير العلاقات المصرية الهندية".
وفى ختام كلمته، ، عبر الرئيس السيسى عن تطلعه لاستقبال رئيس الوزراء الهندى في زيارة قادمة له إلى القاهرة في أقرب فرصة ممكنة، لاستكمال محادثاتهما البناءة، والتأسيس لمرحلة جديدة من العلاقات بين مصر والهند تقوم على الشراكة الاستراتيجية.
وفي النهاية نرى أن تحركات مصر في الآونة الأخيرة تسعى لتقوية اقتصادها للتعامل مع شركائها الاقتصاديين من الدول الكبيرة ذات الاقتصادات الناجحة لجلب مزيد من الشراكات المميزة التي تساعد الاقتصاد المصري على النهوض من أزمته عند طريق تعزيز التعاون والتبادل التجاري بين هذه الدول وجذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية التي تساعد علي توفير العملة الصعبة ، واهم تلك الشراكات الاقتصادية أن تقوم مصر بالتبادل التجاري مع هذه الدول بالعملات المحلية لتخفيف الضغط على الدولار مما يدعم عملات تلك الدول أمام الدولار وتخفيف قبضته على العملات المحلية لهذه الدول وأهم ما جاء في الايام القليلة الماضية هو اعتماد روسيا للجنيه المصري في التعاملات المالية داخل روسيا ودراسة التبادل التجاري بينها وبين مصر بالعملات المحلية للبلدين وذلك بعد أن تعتمد مصر الروبل الروسي في التعاملات المالية رسميا ، ومن المرجع ان تقوم الصين ايضا بخطوة مماثلة مع مصر وكذلك الهند بعد زيارة الرئيس السيسي ، مما يدعم ما قلناه سابقا عن انضمام مصر إلى منظمة البريكس حيث ان الصين وروسيا والهند هم أقوى اقتصاديات داخل منظمة البريكس وهو ما يفسر تحركات مصر خارجيا خصوصا في هذه الدول الثلاث.
تابعنا علي فيس بوك ايضا
تعليقات
إرسال تعليق