مشروع اقتصادي ضخم ذو عوائد مجزية ولكنه في طي النسيان
من اين يأتي طمي النيل ؟
يأتي طمى النيل بشكل رئيسى من منابع النيل الشرقى فى (إثيوبيا) عبر النيل الأزرق والذى يحمل نحو 70% من إجمالى هذا الطمى وتقدر عند خروجها من الحدود الإثيوبية بنحو 136.5 مليون طن سنويا، ثم يحمل نهر (عطبرة) الذى ينبع من شمال إثيوبيا ويرسم جزءاً من حدودها مع أريتريا بنحو 25% من إجمالى طمى النيل ويقترب من 40 مليون طن سنويا وكلاهما يصب فى النيل الموحد فى المسافة بين الخرطوم والحدود المصرية، بينما يشارك النهر الثالث للمنابع الحبشية وهو نهر (السوباط ) الذى يخرج من الحدود الجنوبية الغربية لإثيوبيا ويصب فى النيل الأبيض بالقرب من الحدود بين السودان والسودان الجنوبى ولا تزيد مشاركته بالطمى عن 5% فقط ومن نوع خاص من الطمى الأبيض والذى يكسب النهر فى هذه المنطقة لونه الأبيض وبالتالى كان المسمى بسبب لون هذا الطمى، أما ما يخرج من بحيرات فيكتوريا وكيوجا وألبرت في (أوغندا) فلا يأتى بأى طمي.
كيف يترسب الطمي في بحيرة ناصر؟
عندما يأتي النهر هادرا سريعا حاملا طمى النيل الأزرق وعطبرة ويصل إلى مدخل بحيرة السد فى الأراضى السودانية يفاجأ بماء البحيرة الساكن فيحدث تصادم قوى يعصف بسرعة مياه النهر الموحد ويستوعبها مخلفا دوامات متتالية وضعفاً لقدرة النهر على حمل فتات الطمى العالقة به فتترسب فورا بسبب الانتقال من وضع الحركة إلى وضع السكون. يحدث هذا فى مدخل البحيرة ويمتد الأمر إلى بعض الأجزاء من بدايات البحيرة فى الأراضى السودانية وهى كفيلة بترسيب الجزء الأعظم من هذا الطمى حتى إن صور الأقمار الصناعية الملتقطة خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة أظهرت تكون دلتا جديدة للنهر قبيل التقاء النيل الموحد ببحيرة النوبة داخل الأراضى السودانية بسبب التراكمات الهائلة لكميات الطمى التى تصل إلى هذا المكان والتى تتراوح بين 150 إلى 190 مليون طن سنويا. هذا الأمر سينتهى تماما بعد انتهاء بناء سد النهضة الإثيوبى والذى سيحجز خلفه نحو 90% من كميات طمى النيل الأزرق (136.5 مليون طن) ثم سد مروى السودانى الذى على النيل الموحد فى الشمال السودانى وبالتالى فسينتهي قدوم الطمى نهائيا إلى بحيرة السد العالي.
طمي النيل المحجوز خلف السد العالي ثروة مهدرة
دعا الدكتور إسماعيل عبد الجليل، رئيس مركز بحوث الصحراء الأسبق، إلى ضرورة إحياء مشروع مصري لاستثمار 4 مليارات طن من الطمي المتراكم في بحيرة ناصر خلف السد العالي.
وقال عبد الجليل، في تصريحات ، إن القيمة الاقتصادية لكميات الطمي المتراكمة خلف السد العالي، تقدر بنحو 200 مليار جنيه، لافتا إلى إمكانية نقلها بالأنابيب وتجفيفها، لاستخدامها كمُحسِّن طبيعي للتربة المصرية التي تعرضت للاستنزاف.
وأضاف أنه في ظل ارتفاع أسعار الأسمدة الكيماوية لدرجة لا تحقق ربحية للمزارعين، فإن هذه الكمية من الطمي تُصبح في غاية الأهمية لاستثمارها ضمن جهود الرئيس السيسي لمكافحة تصحر الأراضي الزراعية المصرية، ومواجهة التعديات عليها.
وأشار عبد الجليل إلى أنه كان قد تم تكليفه بالإشراف على مشروع لتنفيذ عملية سحب هذه الترسيبات من خلف السد العالي، بمساهمة من اليابان، مفيدا أنه بإمكان مصر سحب ونقل نحو 100 مليون طن سنويا من طمي بحيرة ناصر.
وأكد عبد الجليل أنه بهذا المشروع يمكن توفير مخصب طبيعي ومحسِّن للتربة بتكلفة لا تتجاوز 40 جنيها للطن، داعيا إلى ضرورة استثمار هذا الملف ضمن المشروع الأخضر الذي يتبناه الرئيس شخصيا، لرفع إنتاجية الفدان من الأراضي الزراعية.
وأشار الدكتور إسماعيل عبد الجليل إلى أنه تلقى عروضا من شركات روسية وهولندية ويابانية لتنفيذ المشروع، "وكان العرض الأنسب من اليابان، لكن لظروف طارئة توقف التنفيذ"، واصفا هذا المشروع بأنه الأولى والأنسب لصيانة التربة المصرية التي فقدت كثيرا من خصوبتها.
وقال إن مزايا المشروع عديدة، أهمها وأقربها تخفيف الضغط الواقع على جسد السد العالي، وحمايته من أي مخاطر وإزالة أي تأثيرات سلبية على كفاءته وعمره الافتراضي، إضافة إلى استخدام الطمي بفوائده الجمة لمضاعفة إنتاج الأراضي الزراعية المصرية.
ثروة ذهبية مهدرة ( الذهب)
يُذكَر أن دراسات سابقة لجامعة الأزهر وهيئة السد العالي، كانت قد أثبتت من خلال سحب عينات من الطمي، أنه غني بمعدن الذهب، ووفقا للعالم الجيولوجي الدكتور محمد الجزار، تحتوي بحيرة ناصر على ثروات تعدينية بكميات هائلة، خاصة معدن الذهب، في الطمي المتراكم خلف السد العالي، لافتا إلى إمكانية الحصول على 300 جم ذهب من كل طن طمي.
مقترح جديد للاستفادة من طمي النيل
كشف الدكتور محمد علي حسن، أستاذ هندسة الفضاء والنانو في إحدى الجامعات اليابانية، عن مشروع الذهب، مقترحًا جديدًا للبدء فيه، وهو مشروع أطلق عليه "قطار الطمي" الذي وصفه بأنه "يساوي الذهب"، وهو عبارة عن نقل 140 مليون طن طمي مشبعة بالمعادن والذهب، محتجزة خلف السد العالي، لاستصلاح الصحراء الشرقية.
اقرأ ايضا مشروع الضبعة النووي من هنا
مشروع الذهب خلف السد العالي
وأكد د. محمد حسن أن المشروع يتطلب إنشاء خط سكة حديد لنقل الطمي، وخط أنابيب لنقل المياه من توشكى إلى منخفض القطارة، وإنشاء شركة وطنية للتكريك يكون عملها الأساسي إخراج الطمي من بحيرة ناصر للزراعة، واستخلاص الذهب والمعادن منه.
وعن مشروع الذهب المقترح كتب د. محمد حسن عبر صفحته بالفيس بوك: "مشروع قطار الطمي مشروع يساوي ذهب (اقتراح جديد).. هل تعلم أن ما يزيد عن 140 مليون طن "طمي" مشبعة بالمعادن والذهب محتجزة خلف السد العالي. تلك الكمية تكفي لاستصلاح الصحراء الشرقية بأكملها كما يؤكد الخبراء وأساتذة كليات الزراعة بجامعات مصر."
لمتابعة اخر اخبار الرياضة من هنا
مشروع قطار الطمي
وعن متطلبات المشروع المقترح قال أستاذ النانو: "المطلوب:
1- إنشاء خط سكة حديد لنقل الطمي وتوزيعه على مدار طريقه الذى يبدأ من بحيرة ناصر وينتهي فى منخفض القطارة.
2- عمل خط أنابيب بجوار خط السكة الحديد لنقل المياه من توشكى إلى منخفض القطارة.
3- إنشاء شركة وطنية للتكريك يكون عملها الأساسي هو إخراج الطمي من بحيرة ناصر للزراعة وكذلك يمكنها استخلاص الذهب والمعادن منه. حيث توجد بعض المؤشرات لوجود كميات كبيرة من "الذهب" خلف السد العالي مختلطة مع الطمي حسب ما ذكر بعض الخبراء."
4- الطمي الذي يحمله القطار يتم توزيعه على مدار الطريق.
5- يحصل على الطمي المستثمرين والشركات الوطنية مقابل دفع ثمن معقول وليتم به تحسين خصائص تربة الأراضي الذين اشتروها حول خط القطار وأنبوب المياه."
6- خلق مجتمعات سكانية حول بحيرة السد تعمل فى صيد الأسماك يمكن نقلها بثلاجات فى القطار وكذلك صيد ملايين التماسيح التى تلتهم كمية كبيرة من الأسماك من البحيرة والاستفادة من جلودها الثمنية."
7- ملء منخفض القطارة تدريجيا بالمياه العذبة ليكون مستودع ماء عذب لتعمير الساحل الشمالي و العلمين ومطروح ومنطقة برج العرب الصناعية بالإضافة للمجتمعات السياحية والعمرانية والصناعية التي ستنشأ حول المنخفض نفسه.
لمتابعة اخر اخبار السياسة من هنا
الاتحاد الأوروبي يقترح تمويل المشروع !
من جانبه، قال الدكتور أحمد فوزي دياب، الخبير بإستراتيجيات المياه وبحوث الصحراء بالأمم المتحدة،إن هناك كميات كبيرة من الطمي المحجوزة خلف السد العالي لا نحقق الاستفادة المرجوة منها، لافتًا إلى أن هناك مشروع يموله الاتحاد الأوروبي لتحقيق الاستفادة المرجوة من طمي النيل خلف السد العالي،ـ وجاري دراسته حاليا بطريقة جدية.
وأوضح"ديـاب" في تصريح خــاص لــ"صدي البلد"،أن هناك مؤشرات أيضا لوجود كميات كبيرة من الذهب ضمن تركيبة الطمي المحجوز خلف السد العالي، مشيرًا إلى أن الاستفادة من طمي النيل ستأتي بفائدة اقتصادية كبيرة في أكثر من اتجاه، فضلا على استصلاح الأراضي الصحراوية إذا ما تمكنت مصر من توظيف كميات الطمي المهدرة.
مطلوب إنشاء شركة وطنية لاستخراج الطمي :
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور ضياء الدين القوصي،خبير الموارد المائية،وجود كميات كبيرة من الطمي الناتج عن الفيضانات في بحيرة السد وليس خلف السد كما يشاع،ل افتًا إلي أنها تبعد عن السد بمقدار 400كم والكميات الكبيرة من الطمي متراكمة في الأراضي السودانية.
وأوضح"القوصي" في تصريح خــاص لـ"صدي البلد"،أن كثير من الشركات العالمية الفرنسية،الالمانية،الروسية،واليابانية أجريت العديد من الدراسات حول الإستفادة من الكميات المهدرة ولم تظهر ملامح لهذه الدراسات، موضحا أن عملية النقل والتكريك مكلفة جدا لنقله خارج البحيرة لتحقيق الاستفادة المرجوة.
وأضاف أن الشركات الاجنبية لم تتبن المشروع لانهم وجدوه لم يحقق الجدوي الاقتصادية المطلوبة لهم، ويطالب بضرورة إنشاء شركة وطنية بسواعد مصرية لأن"لا يخدم مصر الا المصريين".
وتابع"القوصي" أن الطمي يدخل في صناعة الطوب الفاخر والبورسلين والسيراميك ذات النوعيات الفاخرة إضافة إلي أنه يستخلص منه عناصر إشعاعية وذرية وتم الكشف مؤخرا علي كميات من الذهب داخل الطمي.
وأكد أنه لا خطورة إطلاقا علي جسم السد من تراكمات الطمي المتراكم لبعد المسافة المترسب فيها.
ونفى "القوصي" ما يتردد حول استخدام الطمي في استصلاح الأراضي،موضحا أنه يحسن فقط من التربة ولا يدخل بشكل مباشر في الاستصلاح.
تعليقات
إرسال تعليق